التخطي إلى المحتوى الرئيسي

لا يغرنك الأرقام



صحيح أن الارقام والأمور المقاسة مهمة جداً في إدارة أي منظومة وتطوير أدائها ، وهذا يتضمن المدخلات والعمليات والمخرجات والحصائل، وهناك إجماع كبير على مبدأ " إن لم تستطع قياسه فلن تستطيع إدارته أو تحسينه"، ولكن هل هذا هو مهم بحد ذاته و بشكل مجرد؟

التركيز على الأرقام قد يخدعنا للوهلة الأولى وخصوصاً عندما تعرض الأرقام والرسوم البيانية في تقارير ملونة ضخمة ومطبوعة على أوراق فخمة، أو يتم عرضها على الحائط في شرائح أو بوسترات جميلة متناسقة تعرض في اجتماعات ولقاءات لتثير إعجاب الحاضرين. أحيانا كثيرة إذا تفكرنا في هذه الأرقام من خلال نظرة ناقدة تنطلق من مفهوم الصورة الكبرى لنتعرف على مغزى ما يتم قياسه وإن كان يخدم أهداف استراتيجية ضمن النظام المتكامل أم لا؟ و هل تعكس جودة العمل أم أنها كميات كبيرة من الأعمال تظهر حجم عمل المؤسسة وتفسر مصاريفها ؟ وماذا عن حجم العمل مقارنة بالإمكانيات المتوفرة؟ هذه أسئلة ضرورية لفلترة ألوان الأرقام البراقة.

فمثلاً تقوم دائرة المحاسبة بمعالجة مئات المعاملات لكنهم لم يخبروك أنهم جيش من الموظفين، ناهيك عن نسبة الأخطاء الكبيرة فيها، أو دورات تدريبية كثيرة وحضور غفير لكن الفائدة  بسيطة والحصائل متواضعة. وأختم بمثال صريح 'شوي' ! بعض الموظفين (ممكن النسبة اكبر في القطاع العام) تعجبك سيرته الذاتية وسنوات خبرته لكنك سرعان ما تكتشف أن العشرين سنة فعلياً (ليس حسابياً) كانت عبارة عن سنة مكررة عشرين مرة ، فلا تغرنك الأرقام.

حسام عرمان
19/12/2014




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تعلم على راحتك

من فترة جاءت برفيسور لندا هيل من هارفرد الى الكويت وكانت محاضرتها ليلاً ( يعني بدك تترك أولادك وبعد تعب الدوام واللي زي بنام  بدري فيها غلبة  كثير   ، وطبعا لازم تسجل وقصة) ، وكعادتي كتبت ملاحظات للاستفادة والإفادة من خلال مدونتي باقتباس تعليق أو جملة مفيدة أو مصدر مهم! لكني وجدت محاضرة لها على تيد  TED  شبيهة جداً بما قدمته لنا وها أنا أنشره لكم للفائدة ( هنا ) لأنها كانت محاضرة مميزة. رسالتي هنا ، أننا  حقاً محظوظون مقارنة بمن سبقونا ،  فنحن  نشهد وفرة كبيرة من المعلومات التي يمكن الاستفادة منها دون تعب أو سفر ، خصوصاً مع توفر الكثير من المصادر المتاحة دون تكلفة أو تكلفة بسيطة ، من خلال الانترنت سواء القصيرة أو الطويلة الممنهجة مثل  coursera , edx, udemy, Khan Academy, TED talk, HBR , MIT opencourseware    وطبعاً الكتب الالكترونية المتوفرة الآن بطريقة خيالية لا نحتاج إلى سفر (ولا نوصي حد من الجامعة الاردنية وهو نازل على الجسر: كما كنا نفعل أيام الجامعة في آواخر التسعينتات)    ، الآن مباشرة من أمازون كندل ،  أنا شخصياً تعلمت كثيراً ولا أبالغ إن قلت أنني تعلمت ذاتياً أكثر مما

الوقت المناسب لإعادة الهيكلة

رئيس تويوتا السابق يقول بما معناه "الوقت المناسب لإعادة هيكلة الأعمال هو عندما تكون الأمور جيدة "، هذه الفلسفة التي قد تكون غريبة في ظاهرها إلا أنها وراء النجاح الكبير لشركة تويتا التي تظل تطور وتحسن في نفسها على الدوام فلا تركن لنجاحها مهما دام.  قد تصلح هذه الفلسفة على المستوى الشخصي فيجب ألا يركن الإنسان لمهاراته ولياقته الحالية فلا يتحسن ولا يتطور ولا يتعلم فيضمر عقله وينفخ كرشه وتضعف عضلاته ويستسلم للزمان.

التعلم بالعمل

    لا تزال مشكلة الفجوة بين الأكاديميا والعمل مستمرة رغم مبادرات عديدة وورش عمل سخية، فالحلول ترقيعية وليست جذرية. المشكلة عميقة وبحاجة إلى تغيير في فلسفة عميقة تتغلغل في لب العملية التعليمية، حيث يوظف فيها التعليم لتحفيز التعلم، ذلك البركان الهامد الذي يتنظر الإشارات الإيجابية لينطلق وتنفجر طاقاته.  إذن ببساطة نحن بحاجة لكافة الأساليب التعليمية التي من شأنها إثارة ذلك البركان لينطلق وينخرط في الحياة ويتعلم منها ويواجه تحدياتها، فهو منها وسيخرج قريباً إليها فلماذا نحشره بين حيطان مؤسسات تقليدية وكأنه في سجن أو في غربة عنها.       أحد الأساليب وربما أنجعها في هذا المجال هو أسلوب التعلم المبني على المشاريع project-based learning. التعلم من خلال عمل مشاريع أو مهام ميدانية تنتشل الطلبة من مقاعد الدراسة التي تعتمد على حل أسئلة موضوعة ضمن قالب معين لتجيب عن سؤال معين من خلال كتاب معين إلى فضاء حقيقي يكون فيه مركز الحدث وقبطان السفينة، حيث يعطى الطالب الفرصة للتفكير في السؤال نفسه وجذوره وتحديد المعطيات والبحث عن الفرضيات والمعلومات اللازمة لفهم المسألة ومقابلة المعنيين لفهم آراءهم وتقمص وجه